حمدادوش : "البرلمان ..والدرس الديمقراطي"


إنتخابات رئاسة المجلس الشعبي الوطني.. والدرس الديمقراطي

 لقد قرّرنا المشاركة في الإنتخابات التشريعية بكلّ حريةٍ وسيادة، وفق الآلية الديمقراطية داخل مؤسسات الحركة، ووفق رؤيةٍ سياسيةٍ واقتصادية وبرنامجٍ قطاعي نوعي وبديل، بالرغم من الهواجس والمخاوف المشروعة من التزوير، وأصبح تواجدنا في البرلمان بإرادةٍ شعبية وبأصواتٍ حلال، وهو ما يفرض علينا تحمّل المسؤولية في تجسيد الرقابة الشعبية والمقاومة السياسية..
 ونظرًا للموقف الإختياري والقويّ للحركة بعدم المشاركة في الحكومة، ونظرًا للوضع الحسّاس والخطير الذي تمرّ به البلاد، فإنه يفرض علينا مسؤوليةً استثنائيةً وإضافية في تحقيق التوازن بين المعارضة الإيجابية والمسؤولة وبين التنسيق والتعاون بين الجميع في خدمة البلاد والاحتضان الاستباقي للأزمة..
 وكان الاختبار الأبرز في تطوير أداء المعارضة البرلمانية المسؤولة، وفق المنعطف السياسي الجديد، هو التعاطي مع تنصيب المجلس الشعبي الوطني وانتخاب الرئيس..
 وهو ما طرح السؤال الظاهر: لماذا المشاركة في ذلك؟ مع أنّ المسألة محسومةٌ سلفا بالمنطق العددي لأغلبية الموالاة؟ وأين هو الموقف القويّ من التزوير؟
 أولا: نحن الآن نتعامل مع "الأمر الواقع" المفروض على الجميع، وأنّ الموقف من "التزوير" لا يعني - بالضرورة - تجسيده في ردود أفعالٍ شكليةٍ مجرّبة سابقا مثل: الانسحاب أو المقاطعة، بل تتطلب تطويرا نوعيًّا في مكافحته بالمبادرات البرلمانية الرقابية والقانونية وبالأدلة المثبتة، وتفعيل واستغلال الصلاحيات الدستورية الجديدة للمعارضة..
 ثانيا: تبقى هذه المواقف السياسية اجتهادية وتقديرية، ولا يملك أحدٌ الحقيقة المطلقة والصواب المطلق فيها، ولكنْ يكفي الاطمئنان إليها بالاحتكام إلى الشورى والديمقراطية والموقف الجماعي المؤسّسي، والجميع يعلم أن الاجتهاد السياسي لا يُحرم صاحبه - في كلّ الحالات - من الأجر..
 ثالثا: لقد شاركنا في انتخابات رئاسة المجلس الشعبي الوطني بعد مداولاتٍ ومشاوراتٍ داخل المكتب التنفيذي الوطني وعلى مستوى الكتلة ومع الكتل البرلمانية الأخرى لعدة أهدافٍ ومقاصد، منها:
 - تميّز الكتل المعارِضة عن غيرها منذ بداية العهدة، والذي يفرضه التعديل الدستوري الأخير، بما ستتمتع به المعارضة البرلمانية من صلاحياتٍ جديدة..
 - فرضُ سلوكٍ ديمقراطي بتعدّد الترشيحات، والاحتكام إلى الصندوق وتكسير قاعدة التعيينات الفوقية والتزكية العامة بمجرد رفع الأيدي، وهو ما يعطي نوعًا من الهيبة والمصداقية للمجلس، بغضّ النّظر عن النتائج المحسومة سلفا، والذي يهمّنا هو مؤسسة وثقافة الدولة، وليس النتيجة التي لا نتحكّم فيها..
 - فرضُ نمطٍ جديدٍ لسلوك المعارضة الإيجابية والمسؤولة في البرلمان، وهو التحوّل في التعاطي مع الأمر الواقع بمضمونٍ سياسي وبآليات ديمقراطية لن نتسامح في تجاوزها خلال العهدة، ومنها: الحضور والفاعلية والديمقراطية واحترام الإرادة الذاتية للبرلمان والشفافية وسيادة القانون وعدم التفريط في الصلاحيات واستغلالها إلى الدرجة القصوى والممكنة..
 - لقد بادرنا بالمشاورات والاتصالات والتنسيق بين جميع كتل المعارضة، في تأكيدٍ على النَّفَس التعاوني والعمل التشاركي منذ بداية العهدة، ولكنّ الوقت كان أضيق من فرصة الدخول بمرشّحٍ واحد، وهو ما يحتاج إلى استدراكٍ في تطوير الآليات والأساليب والمضامين، وذلك بناءً على تراكمية التجربة في العهدة السابقة، والتي تتجاوز ردود الأفعال إلى السبق بالمبادرات النوعية والقوية..
 - لقد اتفق الجميع على الهدف من الدخول في هذه المنافسة وهو: فرض السلوك الديمقراطي بالاحتكام إلى الصندوق، وهو ما تحقّق، ولم يكن الهدف هو الطمع في تحقيق الفوز برئاسة المجلس، وهو غير ممكن بكلّ المعايير.. 
 - لقد استغرب البعض من توحّد الموالاة وتفرّق المعارضة في الترشيحات، وهو أمرٌ طبيعيٌّ، لامتلاك السلطة - كجهةٍ واحدةٍ - كلّ أدوات الإغراء والإكراه، بخلاف المعارضة التي لا تملك جهةً واحدة تنسّق بينها وتدعمها، وهو ما يتطلب إعادة النظر في العلاقات والأطر التي تحقق ذلك..


النائب البرلماني / ناصر حمدادوش 



ليست هناك تعليقات

يتم التشغيل بواسطة Blogger.